صندوق البريد ( الرسالة الرابعة)

بنى …

أبنى الحبيب

أشتقتك كثيرا . لم يفت على سفرك الكثير ، ولكنى أشعر أنه الزمن ، أعلم جيدا أنك ذاهب لمستقبل لن تجده هنا ، ولكنك لم تبتعد عنى منذ ولادتك ، أتذكر الأن يوم ولادتك ، وحملى بك ، أنتظرتك يا بنى عشر سنوات ، عشر سنوات بحثا عن حل ولكن لا جدوى ، اجابة كل الأطباء لى ولأبيك لا شئ يمنع الا ارادة الله ، دعوت الله واستفرته كثيرا ، حتى أكرمنى الله بحملك .

كان يوم الحادى عشر من أبريل ، أتذكر هذا اليوم جيدا ، أول زيارة لطبيب بعد تعب وارهاق شديد أوقعنى أرضا ، قال لى الطبيب أستريحي ولا تجهدي نفسك فأنتِ الأن ام ، طرت فرحا ، وتابعت شهرا بشهر ، ولكن عند الشهر الخامس قال لى ان لديك مشكله وانك لست جنينا طبيعيا ، أنتظر شهرا اخر وقال لى أشياء كثيرة مصطلحات طبيه ، وانك ستموت عند ولادتك ، هذا اذا اكتمل حملك من الأساس.

بكيت واستغفرت كثيرا ، طلب منى الدكتور ووالدك وجديك وكل من حولى قتلك ، نعم ، فلا وصف أخر سوى القتل لا الاجهاض ، الأجهاض كلمه مهذبه لقتل جنين مسكين لم يأتى حتى للدنيا ، لم يفعل اى شئ فى حياته حتى التنفس ، رفضت ، وحدثت مشكلة كبيرة بيني وبين والدك كانت ستؤدى للطلاق.

” ستموتين قهرا أن ولدتيه ميتا بعد إحساسك به 9 أشهر ، وحتى أن عاش لن أحتمل عبء تربيه طفلا معاقا ” قالها لى بكل قسوة ، قلت له اذا سأربيه وحدى أن أردت ، بكى وأعتذر لى ، فما بيننا أكبر من كلمات الحب.

أستغفرت الله كثيرا ، وبكيت كثيرا كثيرا ، وطلبت من الله ان يرشدنى ، وجدتنى أتمسك بك أكثر وأكثر ، قلت حتى ان ولدت ميتا فيكفى أننى سأحتضنك وأراك ، وجاء يوم ولادتك ، توقع الكل لى ولاده صعبه متعسره ، حتى أن الطبيب جهز نفسه لعمليه قيصريه ، ولكن المفاجأه اننى ولدتك ولاده كأنها الماء ، أسهل ولاده رأها الدكتور فى حياته كما وصف لى ، وجئت أنت يا فلذة كبدي.

طفل نقى كالسماء ، ليس به حتى الصفراء ، كنت يا ولدى ولازلت ، وسيما ، بعينيك العسليتين ، ووجهك الدائرى القمحى ، وشعرك البنى، وغمازتيك، وقع فى حبك كل من راك ، فأنت ولدت مبتسما ، بكيت كثيرا وحمدت الله كثيرا ، وأعتذر لى كل من كان ينصحنى بالتخلص منك ….

أعلم اننى قصصت عليك هذه القصه ألف مرة ، ولكن اليوم للصدفه هو الحادى عشر من أبريل…….

أعلم يا بنى تماما أنك مضطر للسفر، والبعد عنى ، لم أرد ان اكون هذه الأم الأنانيه التى تقتل مستقبل ولدها لينتظر الاشئ ….

أعلم أنك ذاهب لتبحث وتتعلم ، لتبني نفسك ، أحلامك لن تتحقق هنا ، ودراستك لن تكتمل الا هناك ، فمجال دراستك غير مهم هنا ولا يدعمه أحد ….

أعلم أنى نم شجعتك رغم رفض الكثيرين ، أنى من بحثت معك على هذه المنحه ، وأنى من قدمت لك فيها دون علمك لتكون لك مفاجأه ،

أعلم اننى من ساعدك على تطوير لغتك ، وانى كنت أذهب معك لحصصها لنذاكر سويا ، وشجعتك على تعلم لغه ثالثه لتتميز…

أعلم أننى من حجزت لك الطائرة، وأننى من حزمت لك حقائبك …

ولكن ما لم أكن أعلمه أننى وضعت قلبي ونسيته معك فى حقيبة سفرك ………

معك قلبي ودعائى وقبلاتى يا ولدى …

يحفظك الله ويرعاك

أعتن بنفسك

أمك المُحبة دائما

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

موقع ويب مدعوم بواسطة ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: