كتبت عن هذا الكتاب في منصات أخري، وأعود وأكتب عنه مرات ومرات ، ليس فقط لأنه كتاب رائع، ولكنه يمسني شخصيا ويمس كل إمرأة تكتب وأم -وهذه وجهة نظري بالطبع-
أليف شفاق، الكاتبة التركية التي تتميز بالنزعة الصوفية في أغلب كتاباتها، كنت تعرفت عليها للمرة الأولى عن طريق كتابها الأشهر على الإطلاق قواعد العشق الأربعون، الذى ذاع صيته وأنتشر وأصبح الأكثر مبيعا حول العالم ولازال الكثير منا يأخذ منه إقتباسات، وعن طريق الكتاب عرفنا عن شخصيتى جلال الدين الرومي وشمس الدين التبريزي، أحببت كثيرا طريقتها وأسلوبها، رغم أنني أعرف أن الكتاب الأصلي يكون أجمل وأقرب للكاتب من المترجم …
بحثت عنها وتابعتها وأحببتها وتمنيت أن إكون في شهرتها وفي قرب قلمها من القارئين ، وجاء في طريقي الكتاب الذى أضعه بين أيديكم للمراجعة اليوم، حليب أسود…
الكتاب بمنتهي البساطة والصعوبة فى آن واحد يحكي عن معاناة كاتبة مشهورة، أحبت وتزوجت، وأصبحت أما، وأصبحت الكتابة كالأمومة، مرهقة، ولكنه الإرهاق الذى لا نتمناه أن ينتهي ابدا، وهو أشبه بالمذكرات عن كونها رواية، فهي تحكي قصتها شخصيا عن إكتئاب الحمل وما بعد الولادة، الذى للأسف لا يعترف به أغلب الناس خاصة فى أوطاننا العربية ويظنونه مجرد (دلع)
حيرة ما بين كآبة الحمل والولادة، وفرحة المولود الجديد، البهجة التي وضعها الله بين أيدينا، ما بين كآبة عدم الكتابة، وفرحة تنسي العالم…
حليب وحبر يسيلان كالشلال في الأحلام واليقظة، دنيتان قد يراهما البعض من الخارج متعارضتان، ولكنهما فى الحقيقة أصل الحياة، لأنه في الحقيقة تولد الكلمات من رحم الحياة، و من رحم الحياة نولد نحن…
اقرأ الكتاب كلما شعرت بأنني أتوقف، لأشعر نفسي أنني لست وحدي، وأن هناك ممن تعشن نفس مشاعري، دون سماع لكلمات مرهقة نعلمها جميعا كنساء لا داع لذكرها كى لا أقلب المواجع على إحداكن.
يساعدني الكتاب ألا أضع أمومتي وكتاباتي فى بوتقة واحدة، ولا أقارن، لأنهم فى الحقيقة كلاهما أنا، كياني وشخصيتي وحياتي، فأنا الكاتبة المحبة للقلم، وأنا الأم الحنون المربية، لا أستطيع أن أترك واحدة منهن تنتصر على الآخرى، لأن بذلك نكون كلنا خسرنا كل شئ.
أجمل ما في الكتاب البعد عن المثالية، والمشاعر التي تملأ صفحاته، والشخصيات العديدة التي تملأ كل إمرأة منا وتتصارع على البقاء، ثم تتصالح كل هذه الشخصيات لأنهن فى النهاية شخصا واحدا، وتعرض إليف كذلك نماذج من كاتبات عانين من نفس المشكلة، وتعاملهن المختلف مع الأمر، ورأيها هي فيهن.
إن كنتي كاتبة وأم، فأقرئي الكتاب
إن كنتي كاتبة وعلى وشك أن تكوني أما أقرئي الكتاب
وإن كنت إمرأة على وجه العموم فأقرأيه حتما
وإن كنت رجلا، فلطفا إقرأ الكتاب… بقلبك
اترك تعليقًا